للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث

آثار مقامات النبي (ص) المكانية

إن معرفة الأماكن التي سلكها النبي في جميع أحواله المنقولة عنه؛ حفاظًا على السُّنَّة، هو مسلك العلماء الذين ألفوا في السيرة النبوية، وجمعوا الأحاديث وكتبوها، وضبطوا العلم الموروث عن الصحابة ، وكذلك ما يترتب عليها من مسائل شرعية وقواعد مرعية متعلقة بتلك الأماكن.

كمسألة حدود الحرم، وما يتعلق بمضاعفة ثواب الصلاة فيه، وبئر بضاعة وعلاقتها بطهارة الماء، وحدود مشاعر الحج كمنى وعرفة ومزدلفة (١).

وكذلك الاهتمام بمعرفة الأماكن التي تُقصد بالعبادة والقربة، من الصلاة والدعاء والوفاء بالنذر وما يترتب على تلك الأماكن من أحكام شرعية.

كما جاء عن رجل في عهد النبي أنه نذر أن ينحر إبلاً بِبُوَانَةَ (٢)

فَأَتَى النَّبِيَّ فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة،

فقال النبي : «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» قالوا: لا.

قال: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» قالوا: لا.

قال: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لا يَمْلِكُ ابن آدَمَ» (٣).


(١) يُنظر: أحكام عرفة، لصالح العصيمي (٥٧)، المزدلفة، لعبد العزيز الحميدي (١١ - ٥٨).
(٢) بوانة: هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر. معجم البلدان، لياقوت الحموي (١/ ٥٠٥).
(٣) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام (٣/ ٢١٩/ ح ٣٢٥٧)، وأيضًا في كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من وفاء النذر (٣/ ٢٣٦/ ح ٣٣١٣)، قال ابن الملقن: إسناد صحيح. يُنظر: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير: (٩/ ٥١٨)، وكذلك ابن حجر صحح سنده. يُنظر: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: (٤/ ٣٣١).

<<  <   >  >>