للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل أحد يفرق بين المدعو والمدعو به، هذه هي صورة التوسل.

وأما الاستغاثة فهي طلب من المستغاث، لا به؛ أي: جعل المستغاث به هو فاعل المطلوب، مثلاً: لا يقال: استغثت إليك يا فلان بفلان أن تفعل لي كذا، وإنما صورة الاستغاثة: اغثني يا فلان بكذا.

ب أن من سأل بالنبي لا يكون مخاطبًا له ولا مستغيثًا به؛ لأن قول السائل: أتوسل إليك يا إلهي بفلان، إنما هو خطاب لله لا لذلك المتوسل به، بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسؤول مباشرة، فإن كان المطلوب لا يقدر عليه إلا الله وجب أن يكون المدعو هو الله وحده، ولم يجز صرف ذلك لغيره .

ج أن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسُّنَّة وكلام العرب إنما هو مستعمل في معنى الطلب من المستغاث به مباشرة، لا بمعنى أن يكون المستغاث به وسيلة.

فقول القائل: أستغيث به بقصد: أتوسل بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم، ولا يوجد في لغة العرب لا حقيقةً ولا مجازًا.

د أن التوسل بسؤال الله بآثار المخلوقين أو حقهم بدعة منكرة، والاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر.

وعليه يتبين الفرق بين التوسل والاستغاثة فلا يصح قياسهما.

٢ على افتراض أنهما سواء، ولا فرق بينهما، فلا يشرع التوسل؛ لأن الاستغاثة بالغائب، أو غير القادر شرك.

ثالثًا: قياس التوسل على الشفاعة المشروعة:

يتوسل بعض الناس إلى الأصنام والأوثان والمقبورين والأشجار وغيرها من الآثار؛ بحجة أن التوسل يشبه الشفاعة المشروعة، ولا شك في فساد قياسهم، وخلطهم بينهما.

ومما يبين فساد قياسهم وبطلانه أن الشفاعة بالنبي تنقسم إلى قسمين:

١ - حال حياته .

<<  <   >  >>