للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى: موقف المستشرقين من الآثار الحديثية المروية]

ابتلي المسلمون بالمستشرقين في نهاية القرن (١٦ م) تزامنًا مع بداية اتصال الغرب النصراني بالشرق الإسلامي (١).

وعلى اختلاف أصول المستشرقين وجنسياتهم وتباينهم، إلا أن موقفهم من الآثار الحديثية النبوية المروية يصبّ في مصب واحد وهو إنكارها كليًّا (٢) وذلك من خلال (٣):

١ الطعن في مصدريتها.

٢ التشكيك في ثبوتها.

٣ اتهام رواتها، والطعن في أساليب تحملهم لرواية الأحاديث.

ويرجع سبب إنكار المستشرقين للآثار النبوية المروية إلى إنكارهم للنبوة والرسالة (٤)، وعدائهم للدين الإسلامي، ورغبتهم في إبعاد المسلمين عن دينهم بزعزعة ثوابته، والتشكيك في مسلماته من خلال إسقاط الآثار النبوية المروية التي بذهابها يذهب الدين بالكلية، ويصبح المسلم جاهلاً، لا يستطيع تطبيق أوامر الشرع ولا اجتناب نواهيه، إن لم يعادِها؛ لأن الإنسان عدو ما يجهل (٥).

وهذه الأهداف والدوافع الخبيثة معلنة وواضحة لدى كثير من المستشرقين المجاهرين بعدائهم للإسلام والمسلمين، وعلى رأسهم: جولدتسهير (٦) الذي


(١) يُنظر: المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام، لمحمد البهي (١١)، السُّنَّة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم (٧٦).
(٢) الحكم هنا على غالب المستشرقين الذين ينكرون السُّنَّة كليًّا تصريحًا أو تلويحًا؛ وإن كان هناك القلّة القليلة منهم منصفين متجردين عن أهوائهم أظهروا الحق بالرغم من معاداتهم للدين الإسلامي، والنادر لا حكم له.
(٣) يُنظر: موقف المستشرقين من السُّنَّة، لأمامة الحبّال (١١، ١٠٧ - ١٠٩).
(٤) يُنظر: المستشرقون والسُّنَّة والسيرة في المراجع العربية، لعلي النملة (٤٧).
(٥) يُنظر: موقف المستشرقين من السُّنَّة (١٠٨).
(٦) إجنتس جولدتسهير: مستشرق مجري يهودي، دفعته البيئة اليهودية والتعاليم التلمودية المحرفة؛ لتطبيق المنهج النقدي التاريخي على الدين الإسلامي، فاجتاح العلوم الإسلامية ناقدًا لها مجانبًا الموضوعية والمصداقية، معتمدًا على تصيّد الأخبار التالفة والسقيمة والتي لا تصح أن تكون أدلة ولا حجج؛ للتشكيك في مسلمات الدين الإسلامي، ولم يعتمد على المصطلحات والقواعد الخاصة بالعلوم الإسلامية، معتبرًا لأفكاره المسبقة ومعتمدًا على سوء طويته، فبالتالي تجردت نتائج دراساته عن الإنصاف والنزاهة، وبعيدة كل البعد عن الأمانة العلمية والمصداقية. يُنظر: موقف المستشرقين من السُّنَّة (١٢٦)، مناهج المستشرقين ومواقفهم، لرياض العمري (١٢٤)، موسوعة المستشرقين، لعبد الرحمن بدوي (١٩٧ - ٢٠٣).

<<  <   >  >>