للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البركة في آثار مقامات الأنبياء، والصالحين، والأحجار والأشجار وغيرها من الآثار التي لم يرد في الكتاب والسُّنَّة جواز التبرك بها، أو يتجاوز الحد المأذون له به إلى ما لم يأذن به الشرع كالغلو ببعض الآثار، وكالتبرك في المساجد الثلاثة وخصوصًا المسجد الحرام، والتبرك بما يحويه من أماكن التعبّد كالكعبة (١)، والحجر الأسود، والمقام وتجاوز المشروع عندها.

والتبرك المتعلق بإحياء الآثار، ليس هو التبرك المشروع، وإنما هو التبرك الممنوع؛ لذا سيُقتصر الحديث عليه.

ينقسم التبرك الممنوع من حيث حكمه إلى قسمين:

أ - شرك أكبر: وهو اعتقاد استقلال المخلوق بذاته في منح البركة، وهبتها (٢)، فيطلبون البركة من آثار المخلوقات، ويعتقدون أنها تملك البركة وتهبها، أو يعتقدون بتبركهم أنها وسيلة تتوسط لهم عند الله.

فإذا طلب بركة الأثر، معتقدًا أنه بتمسحه به، أو تمرغه عليه، أو التصاقه به يتوسط له عند الله ويكون وسيلة تقربه لله فهذا قد اتخذ مع الله إلهًا آخر، وأشرك شركًا أكبر مخرجًا من الملة، وهو يماثل ما كان يعتقده أهل الجاهلية في الأشجار والأحجار التي يعبدونها، وفي القبور التي يتبركون بها؛ اعتقادًا منهم بأنها وسائل ووسائط، يعكفون ويتمسحون بها، فهذا الفعل راجع إلى اتخاذ الأنداد والشركاء مع الله ﷿، وقد قال : ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] (٣).

ب - شرك أصغر: وهو التماس المسلم البركة فيما لم يأذن به الشرع


(١) الكعبة مباركة من جهة: تعلق القلوب بها، وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها، وأتاها، وطاف بها، وتعبد لله عندها، وكذلك الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة، بحيث إن من استلمه تعبدًا مطيعًا للنبي في استلامه له، وفي تقبيله، فإنها تناله بركة الاتباع. يُنظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد، لصالح آل الشيخ (١٢٤ - ١٢٥).
(٢) حديث (اجعل لنا ذات أنواط) دراسة حديثية عقدية، لعبد الله الأحمدي (١٤٧).
(٣) يُنظر: حاشية كتاب التوحيد، لابن قاسم (١/ ٤٠٨)، القول السديد في شرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن السعدي (٥٤)، التمهيد لشرح كتاب التوحيد، لصالح آل الشيخ (١٦٧ - ١٦٩).

<<  <   >  >>