للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠ قال الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ): عليكم بالسُّنَّة، عليكم بالأثر، عليكم بالحديث، لا تكتبوا رأي فلان ورأي فلان فسمَّى أصحاب الرأي (١).

١١ قال سهل بن عبد اللّه التّستري (ت: ٢٨٣ هـ): عليكم بالاقتداء بالأثر والسُّنَّة، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه، وأذلوه وأهانوه (٢).

[المسألة الخامسة: أحوال المتلقين للآثار النبوية الحديثية]

تقدم أن اتباع سُنَّة النبي نوع من إحياء آثاره النبوية الحديثية المروية، ولذا فالموقف من اتباع السُّنَّة هو الموقف نفسه من الإحياء، فالقول فيهما واحد.

وقد ضرب رسولنا الكريم مثلاً في أحوال الناس حين تلقيهم ما جاء به من العلم والهدى، والذي أصبح أثرًا من آثاره النبوية الحديثية المروية.

حيث قال : «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ (٣)، أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ، لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» (٤).


(١) طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى (١/ ٣٢٦).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٧/ ١٣٩).
(٣) قال أبو سليمان الخطابي: أجادب: واللفظة فيها تصحيف، وإنما هو الأجارد يقال: أرض جرداء ومكان أجرد، والجرد من الأرض فضاء لا نبات فيها. يُنظر: غريب الحديث (١/ ٧٢٣).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب فضل من علم وعلم، (١/ ٢٧/ ح ٧٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب بيان مثل ما بعث به النبي من الهدى والعلم، (٧/ ٦٣/ ح ٢٢٨٢).

<<  <   >  >>