للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتعظيم أمر الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتنفيذ ما شرع بالإخلاص والاتباع، وعدم الابتداع، وأما الزيادة في التعظيم بحجة التعبد والحب، فهذا تجاوز وغلو.

وأما المساجد البدعية المحدثة التي نسبت إلى عصر النبي وعصر الخلفاء الراشدين، واتُخذت مزارًا كالمساجد السبعة، ومسجد في جبل أُحد وغيرها، فهذه مساجد لا أصل لها في الشرع المطهر، ولا يجوز قصدها لعبادة ولا لغيرها؛ بل هو بدعة ظاهرة.

والأصل الشرعي: أن لا نعبد إلا الله، وألا نعبد الله إلا بما شرع على لسان نبيّه ورسوله محمد ، وأنه بالرجوع إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله محمد وكلام سلف الأمة الذين تلقوا هذا الدين عن رسول الله ، وبلغوه لنا عنه، وحذرونا من البدع امتثالاً لأمر البشير النذير (١).

هذا من جهة إحياء المسلم المساجد وأماكن التعبد وتعظيمها تعبدًا وتقربًا إلى الله .

وأما الجانب الثاني: إحياؤها بالاهتمام والترميم والتجديد والبناء وتذليل الوصول إليها:

إحياء المساجد وأماكن التعبد بالاهتمام والترميم والتجديد والبناء وتذليل الوصول إليها من الأمور المشروعة؛ بل هو من الأمور الضرورية على المسلمين (٢)، لتحقق العبودية وامتثالاً للأوامر الشرعية، وما يترتب عليه من الأجر والفضل العظيم، والثواب الجزيل لمن بنى المسجد خالصًا لوجه الله (٣).

ومعلوم أن الهدف من بناء المساجد وعمارتها جمع الناس فيها للعبادة، وهو اجتماع مقصود في الشريعة، أما عن وجود مجموعة مساجد في مكان واحد لا يحقق هذا الغرض؛ بل هو مدعاة للافتراق المنافي لمقاصد الشريعة،


(١) فتاوى اللجنة الدائمة (المجموعة الثانية/ ٥/ ١٧٩).
(٢) يُنظر: المجموع شرح المهذب، للنووي (٢/ ١٧٩ - ١٨٠)، ونيل الأوطار، للشوكاني (٢/ ١٧١ - ١٧٣)، أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية، لإبراهيم الخضيري (٢/ ٣١).
(٣) يُنظر: نيل الأوطار، للشوكاني (٢/ ١٧٣)، أحكام المساجد، لإبراهيم الخضيري (٢/ ٣٣ - ٣٤).

<<  <   >  >>