للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك في المولد الحسيني (١) حصل منهم موقف مشابه للموقف الآنف ذكره.

فمبادرة المستشرقين لإحياء المواسم التي يقوم بها المبتدعة، ليست حفاظًا على الإسلام، وحبًّا للمسلمين؛ بل لعلمهم أنها تخالف أصول الدين الإسلامي، وأن في إحيائها هدمًا للسنن والدين، وما تظهر بدعة إلا اندثرت في المقابل سُنَّة.

كما جاء عن السلف: ما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع بها عنهم سُنَّة (٢)، وكذلك: ما أحدث قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سُنَّتهم مثلها، ثم لم يعدها إليهم إلى يوم القيامة (٣)، ومن المعلوم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع؛ أعرضت عن السنن (٤).

[المسألة الثالثة: موقف المستشرقين من الآثار المرئية]

سبقت الإشارة إلى بيان موقف المستشرقين من الآثار المرئية وسعيهم في إحياء الآثار: الفرعونية والفينيقية والبابلية في الفصل الأول (٥).

ولم يقتصروا على ذلك فحسب؛ بل بذلوا جهدهم في التنقيب عن كثير من الآثار الوثنية والجاهلية في أراضي المسلمين وما زالوا ينبشون الأراضي.

ومن المعلوم أن علم الآثار والتنقيب عن المخلّفات القديمة وليد القرن الماضي، فهو يعتبر من العلوم التي نشأت وظهرت حديثًا؛ لأجل ذلك ابتكر خبراء الآثار الأوروبيين مصطلح علم الآثار (٦)، وصنفوا الكتب؛ للتعريف به، ووضعوا ضوابط وأسس وقواعد تخصه، وأقساماً عامة، وتقاسيم مفصلة للآثار


(١) يُنظر: المرجع السابق (٢/ ٢١٣).
(٢) مقولة لقمان بن أبي إدريس الخولاني . الاعتصام، الشاطبي (١/ ٤٠).
(٣) مقولة حسان بن عطية . المرجع السابق.
(٤) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٣٨٥ - ٣٨٦).
(٥) للعودة إلى مبحث الآثار الوثنية والجاهلية راجع فضلاً (٢٥٧ - ٢٦٦ - ٢٧٤).
(٦) يُنظر: الآثار الشرقية، من مقدمة المترجم مارون الخوري (هـ).

<<  <   >  >>