للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

آثار المساجد وأماكن التعبّد

سبق في التمهيد بيان المعنى المراد من الآثار عند خبراء الآثار (١)، حيث إنهم يركزون على العمر التاريخي للأثر وأن قيمته تُكتسب من خلال تقادم الزمن وتراكمه عليه وتباعده (٢)، هذا من حيث اصطلاح المختصين بالآثار.

فالآثار المكانية: الدينية والتاريخية، من حيث اصطلاح خبراء الآثار، كل منهما يعد أثرًا مكانيًّا، لكن لا نسلّم لهم من حيث اكتساب القيمة والأهمية، ولا حتى بالتسمية المطلقة بكون المساجد وأماكن التعبد آثارًا؛ لأن المساجد وأماكن التعبد اصطبغت بالصبغة الدينية، واتصفت بالصفة الشرعية، واتسمت بكونها أماكن تعبد لا كونها آثارًا تاريخية (٣).

وحيث إنه لا يجري ولا ينطبق اصطلاح خبراء الآثار على آثار المساجد


(١) راجع لطفًا التمهيد (٣٠).
(٢) يُنظر: تاريخ علم الآثار، لجورج ضو (٧)، ويُنظر كذلك: الآثار من منظور حضاري، لخيري، ومجلة الآثار، نقلاً من حماية الآثار في الفقه الإسلامي، لأحمد نوفل (١٠).
(٣) بالمقارنة مع الدراسات الأخرى، اختلف بعض الباحثين في إطلاق مسمى الآثار على الأماكن الدينية الإسلامية، على قولين هما:
الأول: إثبات مسمى الآثار على الأماكن الدينية الإسلامية إطلاقًا، وممن ذهب إلى هذا الإطلاق: د. عبد العزيز الجفير في رسالته الماجستير والتي بعنوان: المشاهد والآثار.
الثاني: نفى هذه التسمية إطلاقًا، وممن ذهب إلى هذا: د. خالد السيف في بحثه المعنون: أحكام الآثار في الشريعة الإسلامية والذي يظهر لي والله أعلم أنه يمكن الجمع بين هذين الرأيين والتوفيق بينهما كما تقدم الإشارة إليه في الأعلى بحيث إن الأماكن الدينية الإسلامية: إذا تم النظر إليها بتجرد عن الأدلة الشرعية تعتبر آثارًا.
لكن لكون الشريعة الإسلامية أمرت بتعظيمها خرجت وارتقت وتُنزّه عن كونها آثارًا تاريخية إلى أماكن دينية إسلامية؛ لاكتساب قيمتها من الشريعة الإسلامية وليس من التراكم الزمني، والتباعد التاريخي.

<<  <   >  >>