للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

موقف الفرق والمستشرقين من الآثار

سأتناول في هذا المبحث موقف الفرق المخالفة لأهل السُّنَّة وكذلك موقف المستشرقين، من الآثار المروية والزمانية والمكانية المرئية.

ابتداءً بالآثار الحديثية المروية التي تعرضت لهجمات وانتقاصات منذ زمن بعيد، يتلقفها في كل فترة أفرادٌ من المسلمين، وجماعات من المستشرقين، بإيراد الشبهات والمقالات، وما يخمد أحدهما إلا ويظهر من يكمل المسيرة الشيطانية.

والتي بدأت مسيرتها على هيئة فردية في حياة النبي بصورة لا اعتبار لها (١)، حيث إنها ظهرت واختفت ولم تُذكر في معرض التاريخ لمنكري السُّنَّة؛ لشذوذها وندرتها، ثم لعودة أصحابها إلى الحق، وانقضاء أثرها.

أما عن إنكار السُّنَّة على هيئة مؤثرة، وعلى أيدي طوائف لها ذكرها في التاريخ؛ فقد بدأت كأول ظهور لها: نهاية خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان على أيدي الخوارج والرافضة، ثم انضمت إليهم المعتزلة وغيرهم من المتكلمين (٢).

والمتأمل لهجمة المخالفين لأهل السُّنَّة على الآثار الحديثية المروية


(١) أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللهِ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ: «وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ، وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ … ». أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (٣/ ١١٠/ ح ١٠٦٣). وكذلك راجع لطفًا: ما رواه الشيخين في سبب نزول قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾، والذي أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم (٦/ ٤٦/ ح ٤٥٨٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب وجوب اتباعه (٧/ ٩٠/ ح ٢٣٥٧).
(٢) يُنظر: شبهات القرآنيين حول السُّنَّة النبوية، لمحمود مزروعة (٤٢٥ - ٤٢٦)

<<  <   >  >>