للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

سبب الانحراف عن كلمة التوحيد

تعددت أسباب الانحراف عن كلمة التوحيد، وتنوعت صور مخالفتها، واغترار الناس بإحياء الآثار وتعظيمها يُعدّ أحد صور مخالفتها.

وأما عن أبرز أسباب الانحراف فهي: عدم معرفة المراد الشرعي لكلمة التوحيد والخلل في فهم المعنى الصحيح لهذه الكلمة العظيمة؛ المؤدي إلى الخلط بين معنى توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، وجعلهما معنًى واحدًا.

وتفسير المعنى المراد ب «لا إله إلا الله» بأنه: لا خالق، ولا مدبّر، ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا الله وحده لا شريك له؛ تفسير ناقص.

فظنّ المخالفون لكلمة التوحيد أنهم بإثبات أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، قد حققوا مقتضى: لا إله إلا الله، وإن صرف شيئًا من العبادة لغير الله لا يخالف كلمة التوحيد بزعمهم، وهذا غير صحيح بل باطل غاية البطلان.

فالمشركون مقرون بتوحيد الربوبية، وهذا التوحيد مستقر في نفوس البشر، لا ينازع فيه أحد من الناس مسلمًا كان أم كافرًا، كما قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ *﴾ [الزمر].

والقائلون بأن: لا خالق إلا الله، ولا مدبّر، ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا الله وحده لا شريك له، لا يكونوا مسلمين بهذا القول؛ لأن هذا القول مشترك فيه كافة الناس من اليهود والنصارى والمشركين.

إنما قررّ الله تعالى توحيد الربوبية؛ لإثباته وتأكيده، وللاستدلال به على

<<  <   >  >>