للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصالحين بآثار النبي في شرعية التبرك، وقياس التبرك بآثار النبي الذاتية والمنفصلة بالتبرك بالأماكن واعتقاد تعدي البركة الذاتية للأمكنة قياسًا على بركة الآثار الذاتية المنفصلة عن جسد النبي (١).

وأما عن أبرز الأسباب التي أدت إلى الانحراف في مسألة التبرك بالآثار، ما يلي:

[السبب الأول: قياس آثار الصالحين وذواتهم بذات النبي وآثاره في شرعية التبرك]

إن بركة الذوات لا تكون إلا لمن وهبه الله إياها وهم: الأنبياء والمرسلون، وأما غيرهم من عباد الله الصالحين فبركتهم بركة عملٍ؛ أي: ناشئة عن علمهم وعملهم واتباعهم لا عن ذواتهم.

فأجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية يتعدى أثرها إلى غيرهم، وهذا مخصوص بهم، وبركة الصالحين بأعمالهم كما جاء في الحديث الصحيح: أن النبي قال: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ … » (٢).

فكل مسلم فيه بركة راجعة إلى الإيمان واليقين الذي في قلبه، وإلى العلم والعمل، والتعظيم لله والإجلال له والاتباع لرسوله .

وأيضًا من بركات الصالحين: دعاؤهم الناس إلى الخير، ودعاؤهم لهم، ونفعهم الخلق بالإحسان إليهم بنيةٍ صالحة.

وكذلك من بركات أعمالهم ما يجلب الله من الخير بسببهم وما يدفعه من النقمة والعذاب العام ببركة صلاحهم وإصلاحهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ *﴾ [هود].

فبركة المسلم الصالح لا تنتقل من شخص لآخر، فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ


(١) تقدّم تفنيد شبهة التبرك بآثار مقامات النبي على الآثار المنفصلة عن جسده راجع لطفًا (٤٥١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأطعمة، باب أكل الجمار (٧/ ٨٠/ ح ٥٤٤٤).

<<  <   >  >>