للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان كلما طال عليهم الأمد ازدادوا كفرًا (١).

فقد كانت سجاياهم تأبى الإيمان، واتباع الحق، ولهذا قال : ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا *﴾ [نوح] (٢).

ثم انتهى بهم الأمر إلى استعجال نزول العذاب، وقطعوا رجاءه في إيمانهم، فقالوا: ﴿قَالُوا يانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ *﴾ [هود] (٣).

[المسألة الثانية: هلاك قوم نوح ]

إحياء آثار الصالحين هو المدخل الذي أغوى الشيطان به قوم نوح حتى غلوا فيهم، وعظموهم وألهوهم، وبه وقع أول شرك على وجه الأرض، فهم أول الأمم التي أهلكها الله (٤).

فلما كذبوا نوحًا واستكبروا وعصوا أمر ربهم، أمر الله تعالى نوح بصناعة الفلك.

وقد جاء وصف هلاكهم في القرآن الكريم وصفًا دقيقًا، كما قال الله تعالى مخبرًا عنهم: ﴿وَأُوْحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ *وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ *وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ *فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ *حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ *وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ *وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِل يابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا


(١) أسباب هلاك الأمم السالفة (٢١٦) بتصرف.
(٢) يُنظر: تيسير المنان في قصص القرآن، لأحمد فريد (٤٥).
(٣) يُنظر: أسباب هلاك الأمم السالفة (٢١٨).
(٤) يُنظر: رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك الميلي (١/ ١١٢).

<<  <   >  >>