للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم إلا الأراذل والسفلة بزعمهم، وأنه ليس بأفضل منهم حتى ينقادوا لأمره (١)، ورموه بالكذب (٢)، واتهموه بالجنون (٣)، والضلال المبين (٤)، ولا شك أن زعمهم باطل، وقولهم فاسد.

قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي معلقًا على زعمهم الباطل لأتباع نبي الله نوح : ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا﴾: وهم في الحقيقة الأشراف، وأهل العقول، الذين انقادوا للحق ولم يكونوا كالأراذل، الذين يقال لهم: الملأ الذين اتبعوا كل شيطان مريد، واتخذوا آلهة من الحجر والشجر، يتقربون إليها ويسجدون لها، فهل ترى أرذل من هؤلاء وأخس؟ (٥).

وكان فعلهم أعجب من قولهم فقد كانوا يرفعون ثيابهم ويغطون بها رؤوسهم، ويضعون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوه يدعوهم إلى الله ؛ لئلا ينفذ إليهم كلام الحق؛ ولئلا ينظروا إلى الرسول الكريم ، كما قال تعالى: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا *﴾ [نوح].

واستمروا على هذا الضلال حتى فشا فيهم الكفر والطغيان، وأشركوا بالله، وأصبح السابق يوصي اللاحق بالتمسك بآلهتهم، وعدم ترك عبادة الأوثان، قائلين لهم:

﴿لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا *﴾ [نوح]، فتمسكوا بضلالهم وتواصوا به، فلم يستجيبوا لدعوة نبي الله نوح مع قوة حجته، وطول مدته (٦).

فدعوة نبي الله نوح لاقت قلوبًا غلفًا، وآذانًا صمًّا، وأعينًا عميًا،


(١) تيسير الكريم الرحمن (٣٨٠).
(٢) يُنظر: تيسير الكريم الرحمن (٣٨٠)، رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك الميلي (١/ ١١٢).
(٣) يُنظر: سورة يونس، آية: (٧٣).
(٤) يُنظر: سورة القمر، آية: (٩).
(٥) يُنظر: سورة الأعراف، آية: (٦٠).
(٦) يُنظر: رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك الميلي (١/ ١١٢).

<<  <   >  >>