للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي لا يقبل خبر الآحاد يعزل نفسه عن الحياة والمعرفة، فلا يقبل الأخبار العلمية، ولا السياسية، ولا الاجتماعية، ولا التاريخية، ولا النصوص الشرعية (١).

وبهذا يتبين أن الشبهات التي أوردها أعداء الإسلام ضد الآثار النبوية الحديثية المروية قديمًا وحديثًا هي شبهات واهية لا تقف أمام الحقائق العلمية، ولا تروج على من عنده علم من الكتاب والسُّنَّة بفهم سلف الأمة، وإنما قد تنطلي على جهلة المسلمين وعوامهم وما أكثرهم في هذا الزمان.

وإن العصمة من الزلل والانحراف العقدي الفكري والسلوكي إنما تكون بطلب العلم الشرعي من مصادره الصافية، ومن هنا وجب على كل مسلم أن يسعى للتفقه في الدين، ويرفع الجهل عن نفسه وعن غيره، ويتحصن به خصوصًا في هذا الزمان الذي عج بالفتن، وتخبط الناس فيه بين الشبهات والشهوات.

هذا هو موقف الأمة منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، يعتقدون ويعملون بالحديث الصحيح، ولم يفرقوا بين حديث رواه واحد أو اثنان، وبين حديث رواه أربعون، فما أبعد منكري السُّنَّة عن الحق، في كل شبهاتهم التي يثيرونها حول إنكار الآثار النبوية الحديثية الثابتة والصحيحة فضلاً عن إحيائها، وغلوهم في آثار مقامات النبي المكانية، وإحيائهم لآثار المواسم الزمانية المحدثة، كما سيأتي بيانه في موضعه.

[المسألة الثانية: الشبهات المتعلقة بآثار المواسم الدينية الزمانية]

أغلب الشبهات التي تُثار حول آثار المواسم الزمانية المُحدثة متقاربة ادّعاءاتها، ومتشابهة التباساتها، إن لم تكن تحمل نفس الطابع والدافع لإحيائها؛ لأجل ذلك سأقتصر في إيراد بدعة إحياء ذكرى المولد النبوي التي اغتر كثير بها، وتداولوا شبهاتها في الكتب والرسائل، والجلسات الحوارية، ووسائل التواصل الاجتماعية، ولقيت قبولاً عند العوام؛ لارتباط الذكرى


(١) حجية السُّنَّة، لمحمد لطفي الصباغ (٣٧).

<<  <   >  >>