للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى: موضع ديار قوم لوط ]

قال الله تعالى في وصف ديار قوم لوط، وآثار تدمير الله لها: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ *﴾ [الحجر]؛ أي: بطريق ثابت يسلكه الناس حتى اليوم لم يندرس بعد، يمر به أهل الحجاز في ذهابهم إلى الشام، فيرون آثار تدمير الله لهم، ويشاهدونها على حقيقتها، وفي ذلك عبرة ومزدجر يوجب عليهم الحذر أن يفعلوا كفعلتهم، فيصيبهم ما أصابهم (١).

فكان قوم لوط يسكنون في المنطقة الواقعة بين المدينة والشام (٢)، وبين الأردن وفلسطين، في خمس قرى أكبرها السدوم (٣).

وذكر بعض المفسرين والمؤرخين أن أطلال قرى قوم لوط تقع تحت مياه البحيرة المنتنة التي لا يُنتفع بمائها، ولا بما حولها من الأرض المتاخمة لفنائها، ورداءتها ودناءتها (٤)، وهي المعروفة حاليًّا بالبحر الميت، الواقع بين الأردن وفلسطين، وهي أخفض منطقة على وجه الأرض (٥).

[المسألة الثانية: لمحة عن دعوة نبي الله لوط لقومه]

أرسل الله نبيَّه لوطًا إلى قوم من أفجر الناس، وأكفرهم، وأسوئهم طوية، وأرداهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.

ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين.

فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش المنكرات، والأفعال المستقبحات فتمادوا


(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين الشنقيطي (٢/ ٢٨١ - ٢٨٨).
(٢) يُنظر: تاريخ الأمم والملوك، لابن جرير الطبري (١/ ١٨٢).
(٣) يُنظر: مروج الذهب، للمسعودي (١/ ١٢).
(٤) يُنظر: صحيح قصص الأنبياء، لابن كثير، تحقيق سليم الهلالي (١٧١).
(٥) يُنظر: حاشية كتاب صحيح قصص الأنبياء، تحقيق: سليم الهلالي (١٧١).

<<  <   >  >>