للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الأولى: حكم إحياء المسلم لآثار الأمم الهالكة بزيارة ديارهم ودخول مواضع هلاكهم، وإنشاء السير لها بالأبدان، يتفرع عنه مقصدان:

١ قصد الاتعاظ والاعتبار من غير حاجة.

٢ قصد الاطلاع والمشاهدة.

حكم الزيارة وإنشاء السير لديار المعذبين بالأبدان؛ لقصد الاتعاظ والاعتبار من غير حاجة:

دلَّت الأحاديث الصحيحة على أن آثار الأمم الهالكة ومواضع العذاب لا يمكث فيها، ولا تُدخل إلا أن تكون في طريق، وأن الدخول لديار المعذبين، والمكث فيها منهي عنه لغير حاجة، ولو لقصد الاعتبار (١)، ومن الأدلة الدالة على النهي ما يلي:

١ عن ابن عمر قال: لما كان النبي في طريقه لغزوة تبوك، مرّ بالحجر، واستقى الصحابة من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله أن يهرقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.

وقال : «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْل ما أَصَابَهُمْ» (٢)، ثُمَّ زَجَرَ فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا (٣)، وفي رواية: «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ» (٤)، وفي رواية: ثم ارتحل حتى نزل في الموضع الذي كانت تشرب منه الناقة (٥).


(١) شرح العمدة في الفقه، لشيخ الإسلام ابن تيمية (٥٠٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر (٦/ ٧/ ح ٤٤١٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ (٤/ ١٤٩/ ح ٣٣٨١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين (٨/ ٢٢٠ - ٢٢١ / ح ٢٩٨٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب قول الله: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ﴾ (٦/ ٨١/ ح ٤٧٠٢).
(٥) صحيح ابن حبان (١٤/ ٨٣/ ح ٦٢٠٣).

<<  <   >  >>