للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب (١)، وكذلك وجود الحاجة للمرور وقد ورد به النص.

وفي روايات أخرى: قال : «إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْل ما أَصَابَهُمْ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ» (٢)، وقال : «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عُذِّبُوا فَيُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصَابَهُمْ» (٣)، وجاء في بعض الروايات أنه قنع رأسه، وأسرع السير، حتى اجتاز الوادي (٤)، فالروايات تفسر بعضها بعضًا.

فدل الحديث والروايات السابقة على منع قصدها بالدخول لورود النهي (٥)، والنهي يقتضي التحريم (٦)، ومما يدل على أن المنع للتحريم لا للكراهة؛ نهي النبي والتشديد على المارين من غير خوف وحذر، والتغليظ عليهم بأن يصيبهم ما أصاب القوم (٧).

يقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين : وليس المراد أن يصيبكم العذاب الرجز الحسي، فقد يراد به العذاب والرجز المعنوي، وهو أن يقسو قلب الإنسان، فيكذب بالخبر، ويتولى عن الأمر (٨).

وقد يقع الرجز والعذاب الحسي كما هو ظاهر الحديث وكما فسَّره بعض


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٥/ ٣٢٤).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمر (٣/ ١٢٧٦/ ح ٦٠٩٢)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين يُنظر: مسند الإمام أحمد (١٠/ ١٩٢/ ح ٥٩٨٤) تحقيق: شعيب الأرنؤوط وصاحباه.
(٣) أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب التاريخ، ذكر البيان بأن المصطفى رحل من أرض ثمود كراهية الانتفاع بمائها (١٤/ ٨٣/ ح ٦٢٠٣)، صححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (٩/ ٤٤ - ٤٥/ ٦١٧٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر (٦/ ٧/ ح ٤٤١٩).
(٥) يُنظر: فتح الباري، لابن رجب (٣/ ٢٣٧).
(٦) يُنظر: شرح مختصر الروضة، لأبي الربيع الصرصري (٢/ ٣٧٠ - ٣٧٣).
(٧) يُنظر: شرح العمدة في الفقه، لابن تيمية (١/ ٥١٠)، أحكام الآثار في الفقه، لعبد الله الرميح (٢/ ٥٥٦).
(٨) يُنظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (٧/ ٣١٦).

<<  <   >  >>