للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البدعة، وربما يترقى إلى نوع من الشرك (١).

وعلى فرضية جواز التبرك بآثار الصالحين؛ تنزلاً مع المخالف نقول (٢):

١ عدم تحقق الصلاح؛ فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب، وهذا أمر لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص: كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله ، أو أئمة التابعين وغيرهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح، وقد عُدم أولئك، أما غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم ذلك.

٢ حتى لو ظننا صلاح شخص، فلا نأمن أن يُختم له بخاتمة سوء، والأعمال بالخواتيم، فلا يكون أهلاً للتبرك بآثاره على حد قولهم، وتنزلاً لمقالهم.

وبناء على ذلك لا يُقاس التبرك بآثار الصالحين على تبرك الصحابة بآثار النبي ؛ لاختصاص النبي بذلك، ولعدم مقاربة أحدٍ للنبي فكيف بمساواته بالبركة والفضل! (٣).

السبب الثاني: الخلط بين بركة الأماكن اللازمة غير المتعدّية وبين بركة الأنبياء الذاتية المتعدية، وعدم التمييز بينهما:

البركة الذاتية المتعدية للأنبياء سبق بيانها وإقرارها (٤).

أما عن بركة الأماكن فقد جاء في القرآن الكريم أن الله بارك في بعض الأراضي والأماكن، كما في قوله تعالى عن البيت الحرام: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ *﴾ [آل عمران].

وكما جاء عن المسجد الأقصى، في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: ١].

ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير اللازم الدائم لها


(١) يُنظر: الحكم الجديرة بالإذاعة، لابن رجب (٤٦).
(٢) يُنظر: تيسير العزيز الحميد، لسليمان بن عبد الله (١٥٠ - ١٥١).
(٣) يُنظر: المرجع السابق (١٥٠)، هذه مفاهيمنا، لصالح آل الشيخ (٢٠٩).
(٤) راجع فضلاً (٨٧ - ٨٨).

<<  <   >  >>