للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُجمعوا على تركه، فهم أحرص الناس على فعل الخير (١).

ومما يؤيد ذلك قول الإمام الشاطبي : لم يترك النبي بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق ، فهو كان خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر ، وهو كان في الأمة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة ، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها؛ بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي ، فهو إذًا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء كلها (٢).

وكما أكّد على ذلك الحافظ ابن رجب بقوله: وكذلك التبرك بالآثار ولما كان يفعله الصحابة مع النبي ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم بعضًا، ولا يفعله التابعون مع الصحابة مع علو قدرهم (٣).

هـ لا يجوز التبرك بآثار الصالحين، قياسًا على النبي ؛ وذلك سدًّا للذريعة المفضية إلى الشرك (٤).

وقد علل الإمام الشاطبي عدم جواز التبرك بالصالحين سدًّا للذريعة بقوله: لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد؛ بل تتجاوز فيه الحدود، وتبالغ بجهلها في التماس البركة، حتى يداخلها للمتبرك به تعظيم يخرج به عن الحد، فربما اعتقد في المتبرك به ما ليس فيه، وهذا التبرك هو أصل العبادة (٥).

فالتبرك فتنة للمعظِّم، والمعظَّم، كما قال الحافظ ابن رجب في سياق كلامه عن اختصاص النبي بالتبرك به وعدم قياس الصالحين عليه قائلاً إن التبرك: فتنة للمعظِّم وللمعظَّم لما يُخشى عليه من الغلو المدخل في


(١) يُنظر: التبرك، لناصر الجديع (٢٦٥).
(٢) يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٨٢).
(٣) الحِكَم الجديرة بالإذاعة، لابن رجب (٤٦).
(٤) يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٨٣).
(٥) يُنظر: المرجع السابق.

<<  <   >  >>