للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرسول بلّغ هذا الوحي للناس فيما أُمر به ونُهي عنه، فهذا يدل على أنها مصدر وأصل من أصول الدين، وركن في بنائه القويم، يجب اتباعها ويحرم مخالفتها، ولا غنى للمسلمين عنها؛ لأنه لا يصح ولا يكتمل إيمان العبد إلا بها (١).

فإن أحق ما عُني به المسلم العمل على اقتفاء آثار النبي الحديثية وتجسيدها في حياته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، من خلال إحيائها في نفسه وفي مجتمعه تعلمًا، وتعليمًا، وعملاً، ودعوة، فهذه الآثار النبوية الحديثية المروية تتميز بخصائص يستحيل إيجادها في آثار أخرى.

ولقد حرص أئمة الحديث على نقل كل ما أُثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلقية أو خَلقية، وحافظوا عليه بطرق مُحكمة لم تعهدها البشرية طوال تاريخها، فواقعهم يشهد على جهودهم العظيمة، فقد حظيت آثار رسول الله الحديثية من الحياطة والعناية الفائقة، والضوابط الدقيقة بما لم يحظَ بعشر معشاره أي علم من العلوم (٢)، ولولاهم بعد الله ﷿ لدرست الآثار واضمحلت الأخبار، وعلا أهل الضلالة والهوى وارتفع أهل البدع والعمى (٣).

[المسألة الثانية: الأدلة على ثبوت حجية الآثار النبوية الحديثية المروية ووجوب إحيائها]

أجمعت الأمة على وجوب اتباع الآثار النبوية الحديثية المروية (٤)، وإحياؤها هو نوع من الاتباع والاقتداء الذي حثنا عليه الشرع وبيَّن أهميته.

ومما يؤكد ذلك ما دلَّت عليه الأدلة القطعية الكثيرة، التي لا تدع مجالاً


(١) الحديث والمحدثون، لمحمد أبو زهو (٢٠) بتصرف، ويُنظر: الرسالة، للشافعي (٧٣ - ١٠٥).
(٢) يُنظر: مكانة السُّنَّة، لصالح الفوزان (٢٣ - ٢٥)، حجية خبر الآحاد، لربيع بن هادي مدخلي (٣٣ - ٨٤).
(٣) يُنظر: مقدمة كتاب المجروحين، لابن حبان (١/ ٥٨).
(٤) يُنظر: مراتب الإجماع، لابن حزم (١٩٥)، كتاب الإقناع في مسائل الإجماع، لابن قطان (١/ ٥٠).

<<  <   >  >>