للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ لا يظنّ الظان أن النهي عن اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، أن هذا تنقّص لأصحابها؛ بل هذا من إكرامهم واحترامهم، وسلوك المنهج القويم تجاههم (١).

حيث إن القصد من الزيارة كما سيأتي بيانه السلام على الميت، والدعاء له، والاعتبار والاتعاظ بالموت وتذكر الآخرة.

٨ أن الاهتمام بالقبور كما جاء في الشرع بعدم الجلوس والمشي عليها، وعدم رمي النفايات، وليس بإحيائها بالبدع، كالبناء عليها واتخاذها مساجد.

المسألة الثانية: إحياء القبور والمشاهد باتخاذها معلمًا أثريًّا، ومزارًا سياحيًّا:

حكم هذه المسألة مترتب على حكم المسألة السابقة، إذ إن في إحياء القبور والمشاهد باتخاذها معلمًا أثريًّا، ومزارًا سياحيًّا يستلزم البناء عليها (٢) وتسريجها هذا في أقل الأحوال، وقد بيّنت في المسألة السابقة بالأدلة ما يدل على تحريم البناء على القبور وتسريجها وغيرها من الوسائل الشركية التي تُفعل عند القبور، فاتخاذ القبور معلمًا أثريًّا فيه محذوران:

الأول: البناء على القبر وقد تقدم بيانه.

الثاني: إحياؤه بمخالفات شرعية كما سيأتي بيانه.

حيث إن إحياء القبور والمشاهد باتخاذها معلمًا أثريًّا، ومزارًا سياحيًّا مناقض لمقاصد الشريعة من جانبين:

١ أن فيه نوعًا من المباهاة والسمعة والفخر، والمقابر ليست موضعًا لذلك؛ لأن زينة الدنيا قد ارتفعت بالموت، والقبور من منازل الآخرة، ولا محل للمباهاة فيها (٣).

٢ أن فيه مخالفة للصفة الشرعية الخاصة بزيارة قبور المسلمين؛ لأن زيارة المقبرة بغير قصد الاتعاظ داخل في النهي، وهو أمر محدث، غير مطلوب شرعًا (٤).

ومن أوجه تحريم اتخاذ القبور من المعالم الأثرية، والمزارات السياحية (٥):

١ أن الشريعة جاءت بمنع تعظيم القبور، وسد الذرائع المفضية لكل ما يحصل به تعظيمها، والبناء عليها وتجصيصها وإبرازها، وإيقاد السرج، لا ريب أن كل ذلك مفضٍ إلى تعظيمها.


(١) يُنظر: زيارة القبور الشرعية والشركية، للبركوي (١٧).
(٢) يُنظر: أحكام الآثار في الفقه الإسلامي (١/ ٣٢٥).
(٣) يُنظر: مواهب الجليل، للحطاب الرُّعيني (٢/ ٢٤٢)، منح الجليل شرح مختصر خليل، لمحمد عليش (١/ ٥١٧).
(٤) يُنظر: شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور، لمرعي الكرمي (٢٥).
(٥) تمت الاستفادة في نقل أوجه التحريم من أحكام الآثار في الفقه الإسلامي (١/ ٣٢٣ - ٣٣٠).

<<  <   >  >>