للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث

أسباب الانحراف في التبرك بالآثار

الانحراف عن الحق في أي أمر من الأمور لا بد أن يكون له بواعث وأسباب أدّت إليه، فهناك أسباب عامة للانحرافات بشكل مجمل؛ كالأسباب التي سيأتي ذكرها في المبحث الخامس، وأسباب أخرى خاصة بالانحراف في أمر معين وهي المقصودة هنا.

وتعود أسباب الانحراف في مسألة التبرك إلى وجود اللَّبْسِ في المعنى، فيركّب المبطلون إجمالَ اللفظ ابتغاءَ تمريرِ معناه المنحرف، وتلبيسًا على الأمة التي تقبله بمعناه الصحيح، فيُثمر هذا اللبسُ كتمانَ الحق.

وقد جاء في القرآن التحذير من هذا المسلك في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ *﴾ [البقرة]، وقال : ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ *﴾ [آل عمران].

فالتبَرُّك بالآثار يستغله أهل الضلال بالباطل ويلبسون ويدسّون شركهم في مضامينه، حيث احتوت على معنى شرعيّ وآخرَ بدْعيّ وثالث شرْكيّ.

فيطلقونها ويقصدون بها المعنى المنحرف، ويلبّسونها ثوب الأدلة للمعنى الشرعي الصحيح، فيقع الناس في أمر مَرِيج.

وهكذا دخل أهل الباطل على العامة، وساغت مفاهيمهم؛ إذ لو أظهروا قصدهم لنكِرَهم الناس؛ فإنه لا يرضى الوقوعَ في الشرك أحدٌ إلا من يشاء الله؛ فيعمدون إلى هذا المكر، فيظهرون الباطل في قالب الحق (١).

وهذا من الخلطِ المتعمَّد بين التبرك الممنوع والمشروع، كقياس آثار


(١) يُنظر: التبَرُّك المنحرِف، لأكرم عصبان (٤٦).

<<  <   >  >>