للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مظاهر استكبارهم واستعلائهم، تهديد الملأ المستكبرين من قومه بإخراجه هو ومن معه، كما قال الله عنهم: ﴿قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ *﴾ [الأعراف].

فخلّد الله ذكره في القرآن الكريم، فذُكرت قصته في كثير من السور (١)، وذكر قومه مع مجمل الأمم في سور أخر (٢).

[المسألة الثالثة: هلاك أصحاب مدين]

السبب الرئيس لهلاك أصحاب مدين هو الشرك، ثم تطفيفهم بالمكاييل، وسبب تطفيفهم أنهم كانوا حلقة وصل بين تجارة شمال الجزيرة وجنوبها، وبين مصر والشام والعراق، فكانوا في موقعهم يتحكمون في مسيرة التجارة والتّجار بفرض ما شاءوا من المعاملات التجارية الجائرة؛ سعيًا إلى جني الربح الفاحش، دون مراعاة ما يقع على غيرهم من الظلم والغبن، وقد شاعت فيهم هذه المعاملات حتى صار أمرًا متعارفًا عليه عندهم (٣).

ومع شركهم وتكذيبهم واستكبارهم، وبخسهم بالمكاييل والموازين، وغشهم في المعاملات، وأذيتهم لنبي الله شعيب الذي أرسله الله إليهم، وتحديهم له بأن يُنزل العذاب بهم، لم يكتفوا بذلك فحسب بل حددوا نوع العذاب، كما جاء نبأهم في القرآن: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ *فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ *﴾ [الشعراء].

وفي بيان هلاكهم في موضع آخر من القرآن: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ *﴾ [الأعراف]، وقال تعالى: ﴿وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ *﴾ [هود].


(١) ذكرت قصة شعيب وقومه في سورة: الأعراف (٥٩ - ٦٤)، يونس (٨٥ - ٩٣)، هود (٨٤ - ٩٥)، الحجر (٧٨ - ٧٩)، الشعراء (١٧٦ - ١٩١).
(٢) يُنظر: سورة: التوبة (٧٠)، وهود (٩٥)، الحج (٤٤).
(٣) يُنظر: أسباب هلاك الأمم السالفة (٤٤٨).

<<  <   >  >>