للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

آثار الأمم الهالكة

كان الناس أمة واحدة على التوحيد الخالص من آدم إلى نوح ؛ لقوله تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣] (١).

ثم طرأ عليهم الشرك، بعد مرور عشرة قرون، كما قال النبي : «كان بين آدمَ ونوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ» (٢)، وزاد في رواية: «كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا، بَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ، فَكَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً» (٣).

فبعث الله الأنبياء مبشرين ومنذرين، يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهون عن عبادة ما سواه، وما من نبي يُبعث إلا ويقول: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩]، اعبدُوا: أي: وحِّدُوا (٤).

وقد جاء في القرآن الكريم الإخبار عن أحوال الأمم السابقة مع أنبيائهم، حيث أنجى الله رسله وأتباعهم المؤمنين، وأهلك المكذبين (٥).

وهذه سُنَّة الله في بعض الأمم التي كفرت، وكذّبت الرسل ، وتحدّت آيات الأنبياء، أن يهلكهم ويستأصلهم، ولا يبقي لهم عقب.


(١) يُنظر: فتح الرحمن في تفسير القرآن، لمجير الدين العليمي المقدسي (١/ ٢٩٧).
(٢) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، بيان القرون فيما بين الأنبياء (٢/ ٥٤٩/ ح ٤٠٣٨)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩/ ٦٩/ ح ٣٢٨٩).
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، تفسير سورة ﴿حم *عسق *﴾ (٢/ ٤٤٢/ ح ٣٦٧٥)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
(٤) تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم (٥/ ١٥٠٥).
(٥) يُنظر: جامع البيان (٢٠/ ٣٦٩).

<<  <   >  >>