للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسدّ الذريعة أصل عظيم، وموجبه قائم، ومنه انطلق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب والأئمة بعده (١).

٢ أنه ليس من هدي السلف الصالح إحياء تلك الآثار بالتهيئة والعناية والاهتمام، فلو كان إحياؤها مما يحبه الله ويرضاه لحث على إحيائها، ولأمر رسول الله الصحابة بالعناية بها، وقام الصحابة بها حق قيام، امتثالاً لأوامر الله ورسوله ؛ لأنهم أعلم الناس بشريعة الله، وأحبهم لرسول الله ؛ فلما لم يقع شيء من ذلك، بدليل خفاء كثير من المواضع، عُلم أنه أمر مبتدع، ليس من الدين بل هو من المحدثات، التي لا أصل لها في الشرع؛ بل إنها من أعظم الوسائل التي تفضي إلى الشرك الأصغر وسرعان ما يصل للأكبر.

وقد حذّر رسول الله أصحابه من وسائل الشرك، فنهى عن البناء على القبور واتخاذ المساجد والسُرج (٢)؛ فالقبور داخلة من باب أولى بالآثار؛ بل هي من أعظم الآثار، فإذا فُتح الباب لإحياء الآثار دخل في ذلك إحياء القبور، والناس لا يقفون عند حدّ؛ بل هم أحرص على الغلو في القبور من الغلو في غيرها (٣).

٣ أن إحياء آثار مقامات النبي بالتهيئة والعناية وتذليل الوصول إليها، يُعدّ من تعظيمها، وهذا يُفضي إلى اتخاذها أوثانًا تعبد من دون الله (٤)، ولو على المدى البعيد؛ لأنه بإحيائها تمهيدًا لذلك شئنا أم أبينا سيأتي جيل جاهل يزين لهم الشيطان عبادة تلك الآثار المهيأة كما حصل بقوم نوح (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : فإنَّ تعظيم مكانٍ لم يعظِّمه الشَّرع


(١) براءة الصحابة الأخيار من التبرك بالأماكن والآثار (٧٠١).
(٢) يُنظر: مجموع فتاوى ابن باز (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤) وأيضًا (٣/ ٣٣٩).
(٣) يُنظر: البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب، لصالح الفوزان (٢/ ٣٩).
(٤) يُنظر: أحكام الآثار في الفقه الإسلامي (١/ ٢١٥).
(٥) يُنظر: البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب (٢/ ٧ - ٨).

<<  <   >  >>