للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : المساجد جميعها تشترك في العبادات، فكل ما يفعل في مسجد يفعل في سائر المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام، من الطواف ونحوه، فإن خصائص المسجد الحرام لا يشاركه فيها شيء من المساجد، كما أنه لا يصلى إلى غيره.

وأما مسجد النبي ، والمسجد الأقصى، فكل ما يشرع فيهما من العبادات، يشرع في سائر المساجد: كالصلاة والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف، ولا يشرع فيهما جنس لا يشرع في غيرهما: لا تقبيل شيء، ولا استلامه، ولا الطواف به ونحو ذلك، لكنهما أفضل من غيرهما، فالصلاة فيهما تضاعف على الصلاة في غيرهما (١).

وقال أيضًا : وقد اتَّفق المسلمون على أنَّه لا يُشرَعُ الطوافُ إلاَّ بالبيتِ المعمور، فلا يَجوزُ الطوافُ بصَخرَةِ بيت المقدس، ولا بِحُجرَةِ النَّبِيِّ ، ولا بالقُبَّةِ الَّتِي في جبَلِ عرفات ولا غير ذلك، وكذلك اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الاستلام ولا التقبيل إلا للركنين اليمانيين؛ فالحجر الأسود يستلم ويقبل واليماني يستلم، …

وأما غير ذلك فلا يشرع استلامه ولا تقبيله؛ كجوانب البيت والركنين الشاميين؛ ومقام إبراهيم والصخرة والحجرة النبوية وسائر قبور الأنبياء والصالحين (٢).

يتبين مما سبق أن المسجد الحرام تميز بصور من الإحياء، وأنواع من العبادات الخاصة، وأن المساجد الثلاثة (النبوي الأقصى قُباء)، تميزت واختصت بالفضل ومضاعفة الأجر، وكذلك اختصت المساجد الثلاثة دون قباء بشدّ الرحال إليها.


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٣٥٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٥٢١).

<<  <   >  >>