للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاصل الآن وللأسف أن بعضًا من المسلمين يضاهون الغرب الكفار لمباهتهم وانتمائهم لأصول وثنية وشركية، كما انتمت اليونان إلى اللاتينية القديمة واعتزّت بها.

وقد نهانا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم عن ذلك في قوله : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ : فَمَنْ» (١).

وكذلك جاء في الحديث الثابت الصحيح عن أبي بن كعب قال: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الإِسْلَامِ. قَالَ: فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى : إِنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ، أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي، أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ» (٢).

ونظيرهم في الواقع كثير، كما تقدّم سابقًا كمباهاة بعض أهل مصر بالفراعنة، واعتزاز بعض أهل العراق بالبابلية أو الآشورية أو الكلدانية، وبعض أهل الشام يفخرون بالفينيقية، وبعض أهل اليمن يعتزون بالسبئية


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل (٤/ ١٦٩/ ح ٣٤٥٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى (٨/ ٥٧/ ح ٢٦٦٩).
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على مسند الإمام أحمد، مسند الأنصار ، حديث أبي المنذر أبي بن كعب (٩/ ٤٩٢٨/ ح ٢١٥٦)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، مسند أبي بن كعب الأنصاري ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري عن أبي بن كعب (٣/ ٤٣٩/ ح ١٢٤١)، وعبد بن حميد في المنتخب من مسنده، حديث أبي بن كعب (١/ ٩٢/ ح ١٧٩). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ٢٦٥/ ح ١٢٧٠).

<<  <   >  >>