للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الغلو (١).

وقد قام المسلمون بأداء ما افترضه الله عليهم من محبة نبيّه وتوقيره وإكرامه وبره واتباعه وطاعته حق قيام، وظهر من حبهم لرسول الله ما جعلهم يفدونه بكل عزيز وغال، ويؤثرونه على الأهل والأوطان والأموال، حتى باعوا أنفسهم وأموالهم لربِّ العالمين. نصرة لدينه، ودفاعًا عن نبيه (٢).

وبرهان هذه المحبة هو اتباعه في جميع أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وجميع تصرفاته فأي أثر ثبت عنه من ذلك يبادرون بإحيائه وامتثاله.

ولكن بسبب ضعف الإيمان وفشو الجهل أصبح بعض الناس يعظمون الرسول بطرق لم يأت بها الشرع بل نهى عنها، فيقعون في الغلو في محبته بدعوى أنهم يظهرون حبه وتعظيمه.

وقد ضلوا وأضلوا، وأوهموا المخدوعين بهم أنهم أولى الناس بالنبي ، وأكثرهم حبًّا له، فمال إليهم الأغرار، وظنوا أنهم من الأبرار الأخيار، وأنهم أحباب النبي المصطفى المختار، فقد بالغوا في هذه المحبة حتى أخرجوه من نطاق البشرية إلى مرتبة الألوهية (٣).

وقد حذّر نبيُّنا من الغلو في قوله : «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ فإنه أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ في الدِّينِ» (٤)، فالتحذير من الرسول لا يقع إلا على شيء يكون خطرًا على المسلم وضررًا عليه (٥).

وأيضًا نهى عن إطرائه، فقال: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابن


(١) يُنظر: براءة الصحابة الأخيار من التبرك بالأماكن والآثار، لربيع بن هادي (١١/ ٦٣١ - ٦٣٣).
(٢) يُنظر: محبة الرسول بين الاتباع والابتداع، لعبد الرؤوف محمد عثمان (٣).
(٣) المرجع السابق (٤) بتصرف.
(٤) أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، (٢/ ١٠٠٨/ ح ٣٠٢٩)، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ٢٧٨/ ح ١٢٨٣).
(٥) التعليق على صحيح مسلم، لابن عثيمين (١/ ٣٢) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>