للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول وإن لم نجد ما قاله منصوصًا بعينه في الكتاب، كما أن تلك الآيات توجب اتباع الكتاب وإن لم نجد ما في الكتاب منصوصًا بعينه في حديث عن الرسول غير الكتاب، فعلينا أن نتبع الكتاب، وعلينا أن نتبع الرسول ، واتباع أحدهما هو اتباع للآخر؛ فإن الرسول بلغ الكتاب والكتاب أمر بطاعة الرسول، ولا يختلف الكتاب والرسول البتة (١).

٦ بيان ثواب من أحيا أثرًا من آثاره النبوية الحديثية المروية:

عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا عند النبي فقال: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (٢).

سبب ورود هذا الأثر أن النبي قاله للرجل الذي تصدق بصُرّة (٣) كادت كفه تعجز عن حملها، فتتابع الناس على إثر صدقته يتصدقون، فكان البادئ بهذا الخير له الفضل العظيم (٤).

فهذه السُّنَّة الحسنة لم يأت بها الصحابي من قبل نفسه؛ لأنَّ قول الرسول : «من سَنَّ»؛ أي: من أحيا سُنَّة كانت مشروعة في كتاب الله وثابتة في سُنَّة رسول الله ، لكن أميتت بعده وخفيت على الناس وكادوا أن يغفلوا عنها فأحياها وأيقظها، فاقتدى به غيره، (٥) ومعلوم أن إحياء السنن يؤجر المسلم عليه مرتين، مرة على فعل السُّنَّة، ومرة على إحيائها (٦).


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٩/ ٤٧).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، (٣/ ٨٧/ ح ١٠١٧).
(٣) تصدق بصُرّة: الصُّرَّة ما يُجمع فيه الدراهم والدنانير ويشدّ به عليهما. يُنظر: لسان العرب (٤/ ٤٥٢).
(٤) يُنظر: شرح النووي على مسلم (٤/ ١١٣)، تذكرة المؤتسي، لعبد الرزاق العباد (٣٨٢).
(٥) يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٢٢٨ - ٢٣٥).
(٦) شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (٣/ ٥٢٨) بتصرف.

<<  <   >  >>