للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب إعطاء الله البركة، حتى المساجد فإنها مباركة، إلا أن بركتها لا تدوم مع زوال الطاعات عنها (١).

فهذا معنى البركة التي جُعلت في الأمكنة أنها لا تنتقل للذات، وإنما هي بركة لازمة من جهة المعنى (٢).

وأن التبرك بالآثار المكانية بالتمسح والتقبيل وسيلة إلى ما هو أعظم (٣)، من الغلو والتعظيم والتقديس المفضي إلى الشرك وعبادة من دون الله .

وقد حذّر العلماء والأئمة الحفاظ من تزيين الشيطان، واغترار الناس وافتتانهم بما يحصل من صلاحٍ أو خيرٍ للمتبرك به، فيرتكس مَنْ لا حظَّ له من الحق في عبادة غير الله باسم التبَرُّك (٤).

كما أشار إلى ذلك الحافظ أبو شامة بقوله: ما قد عَمَّ به الابتلاء، من تزيين الشيطان للعامّة تخليق الحيطان والعُمُد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد، يحكي لهم حاكٍ أنه رأى في منامه بها أحدًا ممن شُهِرَ بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون، وشجر، وحائط، وحجر (٥).

وكما أرشد الإمام أبو بكر الطرطوشي إلى قطع دابر كل أثر يعظمه الناس، في قوله: انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها، ويرجون البُرْءَ والشفاء من قِبَلها، ويضربون بها المسامير والخِرَق؛ فهي ذات أنواط، فاقطعوها (٦).


(١) يُنظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، لعبد الله الغصن (٣٦٨).
(٢) يُنظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد، لصالح آل الشيخ (١٢٤).
(٣) يُنظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، لعبد الله الغصن (٣٦٨).
(٤) يُنظر: التبَرُّك المنحرِف، لأكرم عصبان (٤٦).
(٥) الباعث على إنكار البدع والحوادث (٢٥ - ٢٦).
(٦) الحوادث والبدع (٣٨ - ٣٩).

<<  <   >  >>