للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم به أصحاب رسول الله فإن وجدت فيه أثرًا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئًا فتسقط في النار.

واعلم أن الخروج من الطريق على وجهين:

أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته، فإنه هالك.

وآخر: عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك.

واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعًا مصدقًا مسلمًا، فمن زعم أنه بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد فقد كذَّبهم، وكفى به فرقة وطعنًا عليهم، وهو مبتدع ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس منه (١).

ورحم الله الإمام مالك حيث قال: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا (٢).

وصلى الله وسلم على نبيِّنا وحبيبنا القائل: «مَا تَرَكْتُ شَيْئًا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ عَنِ النَّارِ إِلاَّ قَدْ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» (٣).


(١) شرح السُّنَّة، للبربهاري (٢٤).
(٢) هذه مقولة شهيرة، وكلمة عظيمة للإمام مالك بن أنس وافقه عليها أهل العلم قاطبة. يُنظر: المبسوط، للقاضي إسماعيل الجهضمي المالكي (ت: ٢٨٢ هـ)، نقلاً من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي عياض (٢/ ٨٨)، اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣٦٧)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٢٣١)، الصارم المنكي في الرد على السبكي، لابن عبد الهادي (١/ ٥٩).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الجامع، باب القدر (١١/ ١٢٦/ ح ٢٠١٠٠)، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٧/ ٦٧/ ح ٢٨٦٦).

<<  <   >  >>