للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا لَقطَةً لَقطَةً (١)

أو مَعَ


(١) أي: لا يجوز بيع الثمار التي من الزرع الذي تتكرر ثمرته إلا في حالتين: (الحالة الأولى): أن يباع منها اللَّقطة الظاهرة المرئية منه كالباذنجان والقثاء - وهو نوع من الخيار -، ويدل على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين، كما هو عند مسلم. فلا يصح أن يقول شخص لصاحب مزرعة: بعني ما تنتجه مزرعتك من الباذنجان لمدة سنة؛ لأنه بيع معدوم، فقد يوجد في المستقبل وقد لا يوجد، وهو أيضاً بيع لمعدوم عند العقد. فلا يصح بيع إلا ما يوجد وقت العقد، بخلاف شيخ الإسلام فيرى جواز ذلك.
(تنبيه) لم يذكر الأصحابُ هنا القطعَ في الحال فيما إذا باع ثمر الزرع الذي تتكرر ثمرته كالقثاء والباذنجان بعد بدو الصلاح. أما إذا بيع قبل بدو الصلاح، فإنهم جوزوه بشرط القطع في الحال وكان يُنتفع به، كما قرره صريحاً في الإقناع وشرحه، انظر الكشاف (٨/ ٧٤).
وهذا على التفصيل التالي: وهو أنه يجوز بيع ثمار الزرع بدون أصولها - أي أغصانها -، ولا يخلو حالها:

١ - إن بيعت بعد بدو الصلاح، فيجوز للقطة الظاهرة فقط، دون ما لم يخلق، ولم يذكروا اشتراطَ قطعها في الحال هنا؛ لكن تقدم أول الباب فيما لو باع أرضاً وفيها ما يلقط، فيكون للبائع، قالوا: (وعليه قطعه في الحال فوراً؛ لأنه ليس له حد ينتهي إليه، وربما ظهر غيرُ ما كان ظاهراً، فيعسر تمييز حق كل منهما)، وهذا يشمل ما بدا صلاحه وما لم يبد، وهذه العلة متحققة هنا فيما لو اشترى اللَّقطة الظاهرة، فيشترط قطعه في الحال سواء بدا صلاحه أو لا، وإلا بطل البيع، والله أعلم.
٢ - وإن بيعت قبل بدو صلاحها جاز بشرط قطعها في الحال وكان يُنتفع بها، والله أعلم. والحاصل: أنه يجوز بيع ثمار الزرع بعد بدو الصلاح، وكذا قبله بشرط القطع في الحال فيهما، ويزاد في الأخيرة أن ينتفع به، والله أعلم. (بحث وتحرير)
(تنبيه) يلاحظ مما سبق: جواز بيع البقول والثمار التي من الزروع بعد بدو صلاحها بشرط قطعها في الحال، بخلاف الثمار التي على الأشجار، فإنه يجوز بيعها بعد بدو صلاحها ولو بلا شرط قطعها في الحال. ولعل العلة في ذلك: أن الثمار التي من الزروع لا تخرج دفعة واحدة، فإن لم يقطع الموجود خرج غيره مما هو ملك للبائع واختلط بملك المشتري. وزد على ذلك أن هذه الثمار لا يقف نموها عند حد معين، بل إن أُبقيت في أغصانها استمر نموها واختلط إذَنْ حق البائع وحق المشتري، بخلاف الثمار التي على الأشجار والنخيل، فإنَّ لنموها حدا. (فرق فقهي)

<<  <   >  >>