للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَوَّى بِرُجُوعٍ (١)،


(١) أي: فإن أعطاهم وفضّل بعضهم على بعض حرُم، ووجب عليه أن يرجع على من أعطاه، والرجوع خاص بالأب مع أولاده، أما غيره فلا يجوز له الرجوع في العطية - بعد قبضها - وإنما يسوي بين الورثة بإعطاء من حرمه أو يزيد المفضول ليساويه بغيره. ودليل هذه المسألة حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه الذي خصه أبوه بغلام دون إخوته، فلم يقره النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: «أَشهِد على هذا غيري»، رواه مسلم، وله روايات تؤدي معنىً واحداً، وهو تحريم التفضيل، كما ذكر ابن حجر رحمه الله. والنص وارد في الأولاد، لكن كما قال البهوتي في شرح المنتهى: (وقيس على الأولاد باقي الأقارب). والله أعلم.
ولو كان أحد أبنائه باراً به دون الباقين لم يجز تفضيله في العطية؛ لأن ذلك يحدث العداوة بينهم، وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيه: «أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ »، قال: بلى.
(تتمة) هل يجوز أن يفضل أحدَ أبنائه لمعنى فيه ككونه مريضاً أو غير موظف ونحو ذلك، أو يمنع بعض ولده لفسقه أو لكونه يعصي الله بما أخذه ونحوه؟
المذهب: لا يجوز، واختار الموفق جواز التفضيل والتخصيص في مثل هذه الحال، قال المرداوي: (وهو قوي جداً)، وذكره في الإقناع الرواية الأخرى بعد تقديم المذهب. والله أعلم. (بحث)
(تتمة) هل يجوز للأب أن يخص أحد أولاده بمنفعة عين كأن يسكنه داراً؟ لا يخلو الحال: (الحالة الأولى) إن كان الولد غير قادر على تحصيل أجرة المسكن ولا ثمنه، فيكون المسكن حينئذ من النفقات الواجبة على الأب، فلا تدخل في العطية الممنوعة.

(الحالة الثانية): أن يكون الولد في حال يستطيع أن يؤجر لنفسه من ماله، ومع ذلك أسكنه أبوه في شَقة له دون بقية إخوانه، فهل هذا من العطايا التي يجب فيها التعديل؟ ظاهر المذهب: هو من العطايا ولا يجب فيها التعديل، ويجوز للأب أن يعطي أحد أولاده منفعة داره؛ لأنهم جوَّزوا الوقف على بعض الأولاد دون بعض، وفَصَّلوا: إن كان الوالد أوقف على بعض أولاده لحاجته فيجوز، وإلا فيكره، والوقف في حقيقته تمليك منفعة دون رقبة الوقف فالملك فيه قاصر وليس تاماً، فيكون الحكم في هبة المنفعة لبعض الأولاد كالوقف على بعضهم بالتفصيل السابق فليحرر، والله أعلم. (بحث)

<<  <   >  >>