وفيه وجه ذهب إليه عبد الله بن المبارك حين سأل عنه، فقال تفسير قوله حين سأل عن الأطفال فقال الله أعلم بما كان عاملين، يريد والله أعلم أن كل مولود من البشر إنما يولد على فطرته التي جبل عليها من السعادة والشقاوة وعلى ما سيق له من قدر الله وتقدم من مشيئته فيه من كفر أوإيمان فكل منهم صائر في العاقبة إلى ما فطر عليه وخلق له وعامل في الدنيا بالعمل المشاكل لفطرته في الشقاوة والسعادة، فمن أمارات الشقاوة للطفل أن يولد بين يهوديين أو نصرانيين فيحملانه لشقائه على اعتقاد دين اليهود أو النصارى أو يعلمانه اليهودية أو النصرانية أو يموت قبل أن يعقل فيصف الدين فهو محكوم له بحكم والديه إذ هو في حكم الشريعة تبع لوالديه، وذلك معنى قوله فأبواه يهودانه وينصرانه.
ويشهد لهذا المذهب حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي من الأنصار يصلي عليه، فقلت يا رسول الله طوبى لهذا لم يعمل شيئاً ولم يُدر به قال أو غير ذلك ذلك يا عائشة ان الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وقد ذكره أبو داود في هذا الباب.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
ويشهد له أيضاً حديث أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين}[الكهف: ٨٠] وكان طبع يوم طبع كافراً.
قلت: وفيه وجه ثالت وهو أن يكون معناه أن كل مولود من البشر إنما يولد في مبدأ الخلقة وأصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهيىء لقبول