كان له ألف شاة فتلف حتى لم يبق منه إلاّ عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه وهوشطر ماله الباقي أي نصفه وهذا محتمل وإن كان الظاهر ما ذهب إليه غيره ممن قد ذكرناه.
وفي قوله ومن منعها فإنا آخذوها دليل على أن من فرط في إخراج الصدقة بعد وجوبها فمنع بعد الإمكان ولم يؤدها حتى هلك المال أن عليه الغرامة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين منع ومنع.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَن أبي وائل عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم دينارا أو عدل من المعافر ثياب تكون باليمن.
قلت ليس في أصول الزكاة مدخل للذكران من المواشى إلاّ في صدقة البقر فإن التبيع مقبول عنها فيشبه أن يكون ذلك والله أعلم لقلة هذا النصاب وانحطاط قيمة هذا النوع من الحيوان فسوس لهم إخراج الذكران منه ما دام قليلا إلى أن يبلغ كمال النصاب وهو الأربعون. فأما ابن اللبون فإنه يؤخذ بدلا عن ابنة المخاض لا أصلا في نفسه ومعه زيادة السن التى يوازي بها فضيلة الأنوثة التي هي لابنة المخاض. وأما الدينار فإنما أخذه جزية عن رؤوسهم وهم نصارى نجران وصدقة البقر إنما أخذها من المسلمين إلاّ أنه أدرج ذلك في الخبر ونسق أحدهما على الآخر والمعنى مفهوم عند أهل العلم.
وفيه دليل على أن الدينار مقبول منهم سواء كانوا فقراء أو مياسير لأنه عم ولم يخص، وفيه بيان أنه لا جزية على غير البالغ وأنها لا تلزم إلاّ الرجال لأن الحالم سمة الذكران وهو كالإجماع من أهل العلم.