واختلفوا في الفقراء منهم يؤخذ منهم أم لا فقال أصحاب الرأي لا يؤخذ من الفقير الذي لا كسب له، واختلف فيه قول الشافعي فأحد قوليه أنه لا شيء عليه وأوجبها في القول الثاني لأنه يجعلها بمنزلة كراء الدار وأجرة السكنى والدار للمسلمين لا لهم والكراء يلزم الفقير والغني.
وقوله أوعدله أي ما يعادل قيمته من الثياب قال الفراء يقال هذا عدل الشيء بكسر العين أي مثله في الصورة وهذا عدله بفتح العين إذا كان مثله في القيمة.
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا أبو عَوانة عن هلال بن خباب عن ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة قال سرت أو أخبرني من سار مع مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تأخذ من راضع لبن قال وكان يأتي المياه حين ترد الغنم فيقول أدوا صدقات أموالكم قال فعمد رجل منهم إلى ناقة كَوماء قال وهي عظيمة السنام فأبى أن يقبلها قال فخطم له أخرى دونها وذكر الحديث.
قوله لا تأخذ من راضع الراضع ذات الدر فنهيه عنها يحتمل وجهين: أحدهما أن لا يأخذ المصدق عن الواجب في الصدقة لأنها خيار المال ويأخذ دونها وتقديره لا تأخذ راضع لبن ومن زيادة وصلة في الكلام كما تقول لا تأكل من حرام ولا تنفق من سحت أي لا تأكل حراماً.
والوجه الاخر أن يكون عند الرجل الشاة الواحدة أو اللقحة قد اتخذها للدر فلا يؤخذ منها شيء وقد جاء في بعض الحديث لا تُعَدُّ فاردتكم. والكوماء هي التي ارتفع سنامها فكان كالكومة فوقها يقال كومت كومة من التراب إذا جمعت بعضه فوق بعض حتى ارتفع وعلا قال أبو النجم يصف الإبل: