جيرانه أو من ذوي الخبرة بشأنه أنه صادق فيما يدعيه أعطى الصدقة.
وفيه من العلم أن من ثبت عليه حق عند حاكم من الحكام فطلب المحكوم له به حبسه وادعى المطلوب الإفلاس والعدم فإن الواجب في ذلك أن ينظر فإن كان الطالب إنما استحقه عليه بسبب فيه تمليك مثل أن يقرضه مالا أو يبيعه متاعا فيقبضه إياه فإنه يحبس ولا يقبل قوله في العُدم لأنه قد ثبت له ملك ما صار إليه وحصل في يده من ذلك فالظاهر من حاله الوجد واليسار حتى تقوم دلالة على إفلاس حادث بعده فإن أقام البينة على ذلك لم يحبس وخلي عنه وإن كان ذلك مستحقا عليه بجناية من إتلاف مال أو أرش جراحة جرحه بها في بدنه أو من قبل مهر امرأة أو ضمان أوما أشبهها مما لم يتقدم فيه تمليك ولا إقباض فإنه لا يحبس له وينظر فإن كان له ملك ظاهر انتزع له منع أو بيع عليه وإلا أنظر إلى الميسرة.
وأصل الناس العُدْم والفقر وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم يسقط من بطن أمه ليس عليه قشرة ثم يرزقه الله تعالى ويغنيه أو كما قال: وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: مطل الغني ظلم وقال: ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته فإنما جعله ظالما مع الواجد والغني فلا يجوز حبسه وعقوبته وهو ليس بظالم.
وفي قوله أقم حتى تأتينا صدقة فنأمر لك بها دليل على جواز نقل الصدقة من بلد إلى أهل بلد آخر. وفيه أن الحد الذي ينتهي إليه العطاء في الصدقة هو الكفاية التي تكون بها قوام العيش وسداد الخله وذلك يعتبر في كل إنسان بقدر حاله ومعيشته ليس فيه حد معلوم يحمل عليه الناس كلهم مع اختلاف أحوالهم.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة أخبرنا عيسى بن يونس عن الأخضر