وقوله ارفضي عمرتك اختلف الناس في معناه فقال بعضهم أتركيها وأخريها على القضاء. وقال الشافعي إنما أمرها أن تترك العمل للعمرة من الطواف والسعي لا أنها تترك العمرة أصلا وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة فتكون قارنة.
قلت وعلى هذا المذهب تكون عمرتها من التنعيم تطوعا لا عن واجب ولكن أراد أن تطيب بنفسها فاعمرها وكانت قتد سألته ذلك وقد روي ما يشبه هذا المعنى في حديث جابر.
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث، عَن أبي الزبير عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا وأقبلت عائشة مهلة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عَرِكت حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي قال فقلنا حِلَّ ماذا قال الحل كله فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلاّ أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي فقال ما شأنك فقالت شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن فقال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا وبالمروة ثم قال قد حللت من حجتك وعمرتك جميعا فقالت يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال فاذهب بها عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحَصبة.