قلت هذه القصة كلها تدل على صواب ما تأوله الشافعي من قوله ارفضي عمرتك وعلى أن عمرتها من التنعيم إنما هي تطوع أراد بذلك تطييب نفسها. وفيه دليل على أن الطواف الواحد والسعي الواحد يجزئان القارن عن حجه وعمرته.
وقوله عركت معناه حاضت يقال عركت المرأة تعرك إذا حاضت وامرأة عارك، ونساء عوارك.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وذكرت القصة في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجها معه وساقت الحديث إلى أن قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، فأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحداً.
قلت هذا يؤكد معنى ما قلنا من إجزاء الطواف الواحد للقارن وهو مذهب عطاء ومجاهد والحسن وطاوس وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وعن الشعبي أن القارن يطوف طوافين وهو قول أصحاب الرأي وكذلك قال سفيان الثوري.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا حبيب، يَعني المعلم عن عطاء حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم يومئذ هدي إلاّ النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة وكان علي رضي الله عنه قدم من اليمن ومعه الهدي فقال أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلاّ من كان معه هدي فقالوا أننطلق إلى منى