وفي قوله لأسماء وهي نفساء لم تتعل من نفاسها اغتسلي واستثفري دليل على أن من سنة المحرم الاغتسال، وإن الحائض إذا أرادت الإحرام اغتسلت له كالطاهر. ومعلوم أن الاغتسال لا يصح من النفساء ولكن أمرها أن تفعل ذلك اقتداء بالطواهر أو تشبها بهن. والتشكل بأشكال العبادات ممن لا تصح منه العبادة موجود في مواضع من الأصول وقد أمر صلى الله عليه وسلم الأسلميين بصوم بقية النهار من يوم عاشوراء وكانوا مفطرين صدر ذلك اليوم، والصبي مأمور بالصلاة وهي غير لازمة وقد يصلي المصلوب على الخشبة والمحبوس في الحش أو نحوه وإذا قدر على الصلاة أعادها.
والاستثفار أن تحتجز بثوب وتشده على موضع الدم ليمنع السيلان وهومشبه بثفر الدابة، والقصواء اسم ناقته وسميت قصواء لما قطع من أذنها، يقال قصوت الناقة فهي مقصوة وقصواء وكان القياس أن يقال في الذكر أقصى فلم يقولوه وإنما جاء في نعت المؤنث خاصا.
وفي قوله لما قرأ {إن الصفا والمروة من شعائر الله}[البقرة: ١٥٨] نبدأ بما بدأ الله به دليل على أنه قد اعتبر تقديم المبدأ بذكره في التلاوة فقدمه وأن الظاهر في حق الكلام أن المبدوء بذكره مقدم في الحكم على ما بعده.
وفيه دليل على أن الطائف إذا بدأ بالمروة على الصفا كان ذلك الشوط ملغى غير معتد به.