وقوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة إنما هو استطابة لنفوس أصحابه لئلا يجدوا في أنفسهم أنه يأمرهم بخلاف ما يفعله في نفسه. وفيه بيان جواز الأمرين جميعا وأنه لولا ما سبق من سوقه الهدي لحل معهم إلاّ أن السنة فيمن ساق الهدي أن لا ينحره إلاّ بمنى، وقد تقدم الكلام في هذا الباب وهل كان ذلك فسخا لإحرامهم في الحج أو كان الإحرام وقع مبهما على انتظار القضاء ونزول الوحي فيه فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا.
وقول سراقة ألعامنا هذا أم للأبد يدل على وجوب العمرة ولولا وجوب أصله لما توهموا أنه يتكرر ولم يحتاجوا إلى المسألة عنه.
وقوله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة قد تقدم ذكره وقلنا أن المراد به دخولها في وقت الحج، وكانت قريش لا تعتمر إلاّ في أشهر الحج وقيل دخل أفعالها في اجزاء أفعال الحج فاتحدتا في العمل فلا يطوف القارن أكثر من طواف واحد لهما وكذلك السعي كما لا يحرم لهما إلاّ إحراماً واحداً.
وقوله في وضع دماء الجاهلية ورباهم فإنما بدأ في ذلك بأهل بيته ليعلم أنه حكم عام في جماعة أهل الدين ليس لأحد فيه ترفيه ولا ترخيص.
وفيه دليل على أن الإسلام يلقى الماضي من أحكام الكفر بالعفو والباقي بالرد وهو باب كبير من العلم وقد أشبعت بيانه في كتاب البيوع.
وقوله استحللتم فروجهن بكلمة الله فيه وجوه أحسنها أن المراد به قوله {فامساك بمعروف أو تسريح بإحسان}[البقرة: ٢٢٩] .
وقوله إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن معناه أن لا يأذن