وقال أصحاب الرأي إن شاء قتلهم وإن شاء فاداهم وإن شاء استرقهم ولا يمن عليهم فيطلقهم بغير عوض فيكون فيه تقوية للكفار وزيادة في عددهم.
وزعم بعضهم أن المن كان خاصا للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره.
قلت التخصيص في أحكام الشريعة لا يكون إلاّ بدليل والنبي صلى الله عليه وسلم إذا حكم بحكم في زمانه كان ذلك سنة وشريعة في سائر الأزمان وقد قال سبحانه {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء}[محمد: ٤] الآية. وهذا خطاب لجماعة الأمة كلهم ليس فيه تخصيص للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان فعله امتثالا للآية، وأما الذين اعتلوا به من تقوية الكفر فإن الإمام إذا رأى أن يعطي كافرا عطية يستميله بها إلى الإسلام كان ذلك جائزا وإن كان في ذلك تقوية لهم فكذلك هذا. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الكفار غنما بين جبلين. حدثناه ابن الأعرابي حدثنا عبد الرحمن بن منصور الحارثي حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد العذري عن مالك بن أنس، عَن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه، قال جاء رجل من العرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل شيئا بين جبلين فكتب له بها فأسلم ثم أتى قومه فقال لهم أسلموا فقد جئتكم من عند رجل يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة.
وفي أخذه في الفداء المال دليل على فساد قول من يقول أنه يفادي بالرجال ولا يفادي بالمال ويحكى نحو هذا القول عن مالك بن أنس.
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قصة سبي هوازن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا عليهم نساءهم وأبنائهم فمن مسَّك بشيء من هذا الفيء فإن له علينا به ست