فرائض من أول شيء يفيئه الله علينا ثم دنا من بعير فأخذ وبرة من سنامه ثم قال يا أيها الناس أنه ليس لي من هذا الفيء ولا هذا ورفع أصبعيه إلاّ الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخياط والمخيط فقام رجل في يده كُبّة من شعر فقال أخذت هذه لأصلح بها برذعة لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك فقال أما إذا بلغت ما أرى فلا ارب لي فيها ونبذها.
قوله من مسَّك يريد أمسك، مسّكت بالشيء وأمسكته بمعنى واحد وفيه إضمار وهو الرد كأنه قال من أصاب شيئا من هذا الفيء فأمسكه ثم رده وقوله من أول شيء يفيئه الله علينا فإنه يريد الخمس الذي جعله الله له من الفيء وكان الخمس من الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ينفق منه على أهله ويجعل الباقي في مصالح الدين وسد حاجة المسلمين، وذلك معنى قوله إلاّ الخمس والخمس مردود عليكم.
وقد استدل بعض أهل العلم بهذا على أن سهم النبي صلى الله عليه وسلم ساقط بعد موته ومردود على شركائه المذكورين معه في الآية، وكذلك سهم ذي القربى وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي. وقال بعضهم هو للخليفة بعده يصرفه فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه فيه أيام حياته.
وقال الشافعي هو موضوع في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر وإعداد كراع وسلاح وما دعا إلى مصلحة فيه.
وفي قوله ادوا الخياط والمخيط دليل على أن قليل ما يغنم وكثيره مقسوم بين من شهد الوقعة ليس لأحد أن يستبد بشيء منه وإن قل إلاّ الطعام الذي قد وردت فيه الرخصة وهذا قول الشافعي.