للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (٣)} [أي قُرَّاء القرآن يتلونه {ذِكْرًا (٣)} مصدر من معنى التاليات]، قوله: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (٣)} عدل المؤلف بهذا الوصف عن الموصوف الأول فقال: [قراء القرآن يتلونه] أي النفوس التاليات، ولو قيل: إن المراد بها الملائكة أيضًا, لأن الملائكة تتلوا القرآن، كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)} [عبس: ١١ - ١٦] فالملائكة تتلوا القرآن، فيمكن أن نجعل هذه الأوصاف الثلاثة كلها للملائكة.

والمؤلف -رحمه الله- أعرب {ذِكْرًا (٣)} على أنها مصدر من معنى التاليات. فاستفدنا من هذا فائدة نحوية، وهي أن المصدر قد يكون من اللفظ، وقد يكون من المعنى، فإن كان من اللفظ، فهو مصدر لفظي، وإذا كان من المعنى فهو مصدر معنوي، فإذا قلت: قعدت جلوسًا، فجلوسًا مصدر معنوي. قعدت قعودًا مصدر لفظي، يقول المؤلف: [ذكرًا مصدر من معنى التاليات]، يعني الذاكرات ذكرًا، فالتاليات عنده بمعنى الذاكرات، وذكرًا مصدر لها من معناها, ولكن الذي يظهر خلاف كلام المؤلف -رحمه الله- وأن {ذِكْرًا (٣)} مفعول للتاليات؛ لأن التاليات اسم فاعل قد استوفى شروط العمل لكونه محلى بأل، وذكرًا مفعول به، أي فاللاتي يتلين الذكر، والمراد بالذكر: القرآن وسمي ذكرًا:

١ - لأنه ذكر لله -عَزَّ وَجَلَّ- فإنه من أفضل الذكر.

٢ - ولأنه يذكر الإنسان بربه.

<<  <   >  >>