للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} قال: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)} وحينئذ لا يصل إلى مراده.

فالجواب: أنه قد دلت النصوص الأخرى على أنه قد يصل إلى مراده، فيصل إلى الكاهن قبل أن يدركه الشهاب.

* * *

ثم قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْتَفْتِهِمْ}: قال المِؤلف -رحمه الله-: [استخبر كفار مكة تقريرًا أو توبيخًا {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} من الملائكة والسموات والأراضين وما فيهما، وفي الإتيان بمن تغليب للعقلاء].

{فَاسْتَفْتِهِمْ} يعني اطلب منهم الفتوى، والفتوى في الأصل هي الإخبار بالشيء، ولكنها في اصطلاح الفقهاء: هي الإخبار عن حكم شرعي.

وهنا ليس المراد بذلك الفتوى الشرعية، وإنما المراد بها الفتوى اللغوية، يعني: استخبرهم واسألهم أهم أشد خلقًا أم من خلقنا؟ فسيقولون من خلق الله أشد. كل يعرف أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، وكذلك الذين يؤمنون بالغيب يقرون بأن ما غاب عنا من مخلوقات الله أعظم مما نشاهد. اللهم إلا أحدًا يريد أن يكابر، ويقول: أنا أشد خلقًا، كما قال الشيطان لله عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)} [الأعراف: ١٢] وكما قال فرعون لقومه: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢)} [الزخرف: ٥٢] وقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} [النازعات: ٢٤] وإلا فكل يعلم أن المخلوقات العظيمة كالسموات والأرض

<<  <   >  >>