جواب (لو)، و (لو) هنا شرطية، أو مصدرية شرطية، والشرطية لا يليها إلا فعل، وهنا وليتها أن في قوله تعالى:{أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا}. فقالوا: وليتها أن، ولكنها على تقدير فعل، يعني لو ثبت أن عندنا ذكرًا {لكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} كقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا}[الحجرات: ٥] يعني لو ثبت أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم.
{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} أي: بالعبودية الشرعية؛ لأنهم بالعبودية القدرية كائنون فهم عبيد الله قدرًا، ولا يمكن أن يحيدوا عن قضاء الله وقدره، لكن لو كنا عباد الله شرعًا.
قال المؤلف -رحمه الله-: [المخلصين العبادة له]، المخلصين بكسر اللام هكذا فسر المؤلف، ولهذا قال العبادة له.
{الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} بالفتح الذين أخلصهم الله واصطفاهم.
فصار في المخلصين قراءتان: فتح اللام وكسرها، فعلى قراءة الفتح يكون المعنى: الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه واصطفاهم، وعلى قراءة الكسر يكون معناه: الذين أخلصوا له العبادة، والمعنيان متلازمان، لأن كل من أخلص لله العبادة قد أخلصه الله لنفسه. قال المؤلف -رحمه الله-: {فَكَفَرُوا بِهِ} [بالكتاب الذي جاءهم، وهو القرآن الذي أشرف من تلك الكتب {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)} عاقبة كفرهم].
تقدير الآية: فقد جاءهم كتاب وجاءهم الذكر، ولكن لم يقبلوا هذا الذكر وكفروا به تكذيبًا في الخبر، واستكبارًا عن الأمر، فهم كذبوا الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما قال: إنكم