للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ستبعثون فقالوا: لا بعث، وقال: إنه حق. فقالوا: كاذب. وقال: اعبدوا الله وحده لا شريك له. فعبدوا الأصنام، فهم ما صدقوا بما أخبر الله به في كتابه، ولا امتثلوا الأمر وانقادوا له، بل جمعوا بين كفر الجحود والاستكبار، -والعياذ بالله- مع أن القرآن أشرف من الكتب التي ادعوا أنه لو أتاهم من جنسها لكانوا عباد الله المخلصين، ومع هذا كفروا بهذا الكتاب، وهذا يدل على أن دعواهم هذه من أكذب الدعاوى. فقيل لهم: هذا ذكر، جاءكم ذكر أشرف الأذكار وأعظم الكتب السابقة، ومع ذلك كفرتم به.

قال الله تعالى: {فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)} الفاء في قوله تعالى: {فَكَفَرُوا} للترتيب، والفاء في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)} للترتيب والسببية، أي فبسبب كفرهم سوف يعلمون عاقبة أمرهم، وذلك بالذل في الدنيا والعذاب في الآخرة، وهذا الأمر حصل -ولله الحمد- فإن الله أذلهم في أعظم موقعة كانوا يفتخرون بها ويظنون فيها العزة والنصر في غزوة بدر، فإنهم خرجوا بصناديدهم وأشرافهم وكبرائهم، حتى قال أبو جهل لما أشير عليه بالرجوع قال: (والله لا نرجع حتى نقدم بدرًا فننحر فيها الجزور، ونشرب فيها الخمور، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبدًا). فانظر إلى البطر والكبر. حصل أن قتل هو والزعماء والأشراف الذين معه، وسمعت بهم العرب، وتحدثت العرب. بأخبارهم بما فيه العار والخزي إلى يوم القيامة، فهذا من العواقب الوخيمة، وفي بلدهم مكة خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - منها خائفًا مستترًا، ودخلها ظافرًا منصورًا مؤزرًا، رفعت

<<  <   >  >>