للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)}، أنكر ذلك أيضًا فانظر إلى هذا القرين المشؤوم -والعياذ بالله- الذي يبكّت ويوبخ وينكر هذا الأمر المؤكد الذي دل عليه الكتاب والسنة والعقل، فيقول كيف نبعث ونجازى بعد أن كنا ترابًا وعظامًا؟ ومناسبة الابتداء بالتراب قبل العظام؛ لأنه أبلغ في الحيلولة، أي بدأ بالأبعد فالأبعد فكونهم تراب أبعد من أن يخلقوا من كونهم عظامًا.

{قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)} يقول هذا الرجل لأصحابه الذين معه في الجنة: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)}. والاستفهام هنا للعرض يعني يعرض عليهم أن يطلعوا معه إلى هذا القرين، وإنما عرض عليهم ذلك من أجل أن يتبين قدر نعمة الله تعالى عليهم، لأن الإنسان إذا رأى هذا القرين الذي كان معه في الدنيا. يقول له ما ذكر، إذا رآه في النار وهو في أكمل النعيم لا شك أنه يزداد شكرًا لله -عز وجل- على نعمته إذ لو شاء لجعله مثله، لاسيما وأن هذا الرجل يحاول بكل ما يستطيع أن يصد هذا عن سبيل الله عز وجل، فيكون للاطلاع فائدة عظيمة، وهي معرفة قدر نعمة الله عليهم بهذا النعيم، وليس المراد بهذا الاطلاع الشماتة بهذا الرجل، لأنه لو كان المراد الشماتة لكان في هذا نوع فخر على هذا الرجل واستطالة، ولكن المراد أن يعرفوا قدر نعمة الله عليهم، لأن الأشياء تتبين بضدها. {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)}. قال المؤلف -رحمه الله-: [فيقولون: لا]. أتى بهذا من قوله: {فَاطَّلَعَ} ولم يقل: فاطلعوا.

<<  <   >  >>