للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥)} قال المؤلف -رحمه الله-: [المشبه بطلع النخل كأنه رؤوس الشياطين أي: الحيات القبيحة المنظر]، {طَلْعُهَا} يعني الثمر الذي يشبه طلع النخل كأنه رؤوس الشياطين، والشياطين جمع شيطان، وهل المراد الشيطان الحقيقي، أو المراد نوع من الحيات كما قال المؤلف؟ إذا نظرنا إلى ظاهر اللفظ قلنا: إن المراد الشيطان الحقيقي، واحتمال أن يكون المراد نوع من الحيات قبيحة المنظر وارد، لأن السيئ من الحيوان قد يسمى شيطانًا، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "الكلب الأسود شيطان" (١) ولكن الواجب علينا إجراء القراَن على ظاهره، وأن نقول المراد بالشياطين: الشيطان المعروف، وإنما شبهت برؤوس الشياطين مع عدم رؤية الناس لها، لأن كل أحد يعرف أن ما ينسب إلى الشيطان فهو قبيح منفر، لا يركن إليه أحد، فالتشبيه هنا تشبيه بما يتخيل فكرًا، لا بما يعلم حسًّا، وعلى هذا فهو من أبلغ ما يكون من التشبيه في القبح ولا حاجة إلى أن نقول: إنها حيات، حتى لو قلنا بأنها حيات فهل هذه الحيات معلومة لكل أحد؟ إن حيات لا يعرفها إلا النادر من الناس لا ينفر الناس منها، بل إن المؤلف لما قال: إنها حيات، هبطت قيمة هذا القبح في نفس الإنسان، لكن كأنها رؤوس الشياطين، يقشعر جسم الإنسان ويقف شعره عندما يسمع هذا التشبيه القبيح، وعلى هذا فالصحيح أن المراد بذلك رؤوس الشياطين الحقيقية، ولكنها شبهت بها للعلم بأنها قبيحة عند جميع الناس وأنها منفرة.


(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي (رقم ٥١٠) (٢٦٥).

<<  <   >  >>