للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتعقيب، قال: {فِي الْجَحِيمِ} أي النار الشديدة. ففعلوا ذلك وألقوه في النار، ولكن خالق النار قال للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}، [الأنبياء: ٦٩] فكانت بردًا وسلامًا عليه، لم تكن بردًا شديدة البرودة حتى يهلك، ولم تكن حارة، بل كانت على عكس ما يريد به الأعداء أرادوا بالنار أن تكون حارة مهلكة، والله عز وجل أراد أن تكون باردة مسلّمة، {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٩] فكانت بردًا وسلامًا عليه، وهنا نقف لنبين أن بعض المفسرين قالوا: إنه في تلك اللحظة صارت جميِع النيران في جميع أقطار الدنيا باردة، ولكن هذا قول ضعيف جدًّا، مخالف للقرآن، لأن الله تعالى قال: {يا نار} وهذا النداء يكون موجه للمقصود بالنداء، ولهذا يسميها أهل النحو: نكرة مقصودة، فالمراد تلك النار التي خوطبت فقط، فصارت تلك النار التي خوطبت بردًا وسلامًا، وأما الزعم أن جميع النيران في جميع أقطار الدنيا صارت بردًا مخالف لظاهر القرآن، وليس له أي فائدة.

{فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)}.

الكيد في الأصل: "التوصل إلى الإيقاع بالخصم من حيث لا يدري" والكيد والمكر والخداع بمعنى واحد، أو بمعنى متقارب، لكنها كلها تدل على أن الإنسان يوقع خصمه من حيث لا يشعر، هذا في الأصل، قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)} [الطارق: ١٥ - ١٦] ولكنهم هم أرادوا بذلك إهلاكًا لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام-.

<<  <   >  >>